طرائق التدريس الحديثة
المقدمة:
يشير مفهوم طريقة التدريس إلى ” كل ما يتبعه المعلم مع المتعلمين من
إجراءات وخطوات متسلسلة متتالية مترابطة لتنظيم المعلومات والمواقف والخبرات
التربوية، لتحقيق هدف أو مجموعة أهداف تعليمية محددة”. وقد يبدو من التعريف السابق
أن تسلسل الخطوات وترابطها هو الضمان لجودة طريقة التدريس، إلا أن ذلك غير صحيح،
فلا يوجد أي ضمان لجودة طريقة تدريس إلا المعلم ذاته.
أولا: أهداف طرائق التدريس الحديثة وعوامل نجاحه
يؤكد التربويون أن طرائق التدريس الحديثة تهدف إلى إكساب المتعلم
مجموعة من الأهداف والقيم والخبرات والقدرات، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
إكساب المتعلمين الخبرات التربوية المخطط لها.
تنمية قدرة المتعلمين على التفكير العلمي عن طريق أسلوب حل المشكلات.
تنمية قدرة المتعلم على العمل الجماعي التعاوني أو العمل في مجموعات.
تنمية قدرة المتعلمين على الابتكار أو الإبداع.
مواجهة الفروق الفردية بين المتعلمين.
مواجهة المشكلات الناجمة عن الزيادة الكبرى في أعداد المتعلمين.
إكساب المتعلمين القيم والعادات والاتجاهات المرغوبة لصالح الفرد
والمجتمع.
ثانيا: الأسس المعتمدة في اختيار طريقة التدريس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قاعدة: (لا توجد طريقة تدريس يمكن وصفها بأنها أحسن الطرق)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يمكن القول إنه لا توجد طريقة محددة يمكن وصفها بأنها أحسن طريقة في
التدريس وينصح بها للمعلمين، وإنما تتحدد الطريقة المثلى ببعض العوامل وهي:
1- أن يختار المعلم طريقة التدريس التي تناسب أهداف الموضوع المراد
تدريسه، فتنمية الذوق اللغوي والأدبي لدى الطلاب تحتاج إلى طريقة المناقشة
والحوار، أو طريقة الندوات؛ لتبادل الآراء حول قضية شعرية مثلا، ودروس الصرف تحتاج
إلى طريقة القياس أو المحاضرة أكثر من غيرها.
2- أن تتوفر لدى المعلم المهارات اللازمة لتنفيذ طريقة التدريس
بنجاح، فإدراك المعلم منظومة مهارات التدريس متكاملة يمكِّنه من أن يقرر متى
يستخدم المهارات الرئيسة كاستخدام الوسائل التعليمية، أو المهارات الفرعية
كالتهيئة أو الصمت أو التعزيز… إلخ.
3- أن تتوفر لدى المعلم الخصائص الشخصية المناسبة التي تمكنه من
تنفيذ طريقة التدريس بنجاح، والمقصود بالخصائص الشخصية السمات الطبيعية التي وهبها
الله له في شخصيته وفي ملامح وجهه وصفاته الجسمية التي تعينه على أداء عمله.
على سبيل المثال فإن المعلم الذي ينجح في استخدام “طريقة المحاضرة”
غالبا ما نجده يتمتع بشخصية مؤثرة ونبرات صوت قوية، فإذا افتقر المعلم لهذه الصفات
الشخصية فستكون محاضراته غير مؤثرة في تحقيق أهدافها، ومن ثم تفشل طريقة التدريس.
مثال آخر: إذا كان المعلم خفيف الظل فعليه أن يوظف ذلك في إضفاء روح
المرح على درسه، ومن ثم تناسبه طريقة تمثيل الأدوار أكثر من غيرها. مثال آخر:
المدرس الجاد عليه أن يوظف حزمه في تعليم الطلاب احترام المواعيد والدقة في أداء
الواجبات… وهكذا، فكل معلم لديه ما يميزه، ومن ثم عليه أن يوظف تلك المميزات في
خدمة الدرس والطلاب.
4- أن يدرك المعلم خصائص النمو لكل مرحلة دراسية وطرائق التدريس التي
تناسبها، ففي التعليم العام نجد أن طفل المستوى الابتدائي يتميز بالقدرة على
المحاكاة والتعلم السريع للغات في سياقها الطبيعي، دون تحليل بنيتها وخصائصها، وهو
بصفة عامة مازال في مراحل النمو الأولى للعقل والجسم، وبالتالي يحتاج إلى معاملة
تختلف عن طالب المرحلة الإعدادية، الذي بدأت تظهر عليه علامات البلوغ وتكوين
الشخصية، ونمو بعض مهاراته العقلية كالتحليل والتذوق، أما طالب المرحلة الثانوية
فإنه يمر بتغيرات جسمية وعقلية سريعة، تتطلب من المعلم أن يراعيها أثناء تدريسه،
كنمو قدرته على الإبداع والتذوق الأدبي نموًّا أكبر.
وفيما يخص تعليم الأجانب فعلى المعلم أن يدرك خصائص طالب المستوى
المبتدئ الذي يشعر بغربة وخوف من اللغة المتعلمة، بينما يختلف الأمر عند طالب
المستوى المتوسط الذي بدأ يعتاد على طبيعة اللغة وثقافتها ومداركها، أما طالب
المستوى المتقدم فقد عايش اللغة فترة طويلة، ويريد أن يتعمق في خباياها وهكذا.
5- خبرة المعلم تؤثر في اختياره لطريقة التدريس المناسبة لدرسه،
فالمعلم ذو الخبرة الكبيرة يكون قد ألِف بعض الطرق عن غيرها، وأدرك ما يناسب درسه،
أما المعلم القليل الخبرة فعليه الاستعداد أكثر من غيره لاختيار الطريقة المناسبة…
إلخ.
6- طبيعة الخطة الدراسية تؤثر على اختيار الطريقة المناسبة للتدريس، فقد
تضطر كثافة الخطة أن يختار المعلم بعض الطرائق المباشرة التي لا تحتاج وقتا، أو
بعض الطرائق قليلة التكلفة، أو بعض الطرائق المبتكرة التي تشجع على الإبداع… إلخ.
7- مدى توافر الوسائط التعليمية يؤثر على طريقة التدريس، والمقصود
أنه إذا توافرت هذه الوسائط كان ذلك معينًا للمعلم على استخدام طرائق حديثة
كالاستكشاف والعُروض العملية وغيرها، أما إذا غابت فلن تكون هناك حرية كافية للمعلم في استخدام
طرائق التدريس المناسبة.
8- طبيعة المناهج والمدة الزمنية المحددة لإنجازها تؤثر على اختيار
طريقة التدريس، فإذا اعتمدت طبيعة المناهج على الجوانب النظرية انعكس ذلك في
استخدام طرائق التدريس التقليدية، أما إذا بُنِيَ المنهج على أساس التعلم الذاتي
والتطبيقات العملية تطلب ذلك استخدام طرائق أخرى متنوعة.
9- التوجيهات الرسمية تؤثر تأثيرًا واضحًا على اختيار طرائق التدريس،
فإذا كانت توجهات الدولة مركزية، ولا تسمح بالديمقراطية والمرونة في اختيار
المناهج والأهداف، انعكس ذلك على طريقة التدريس التي ستعتمد تلقائيا على أسلوب
التلقين والمحاضرة، أما إذا اعتمدت الدولة على فلسفة الحوار والديمقراطية فإنها
ستسمح بالمرونة في اختيار الأهداف التعليمية، ومن ثم التنوع في اختيار طرائق
التدريس.
10- عوامل البيئة الخارجية تؤثر حتما في اختيار طريقة التدريس، فإذا
كانت هناك إمكانات مادية سيمكن للمعلم أن يختار طريقة التدريس المناسبة، أما إذا
كانت البيئة الخارجية ضعيفة فلن يستطيع المعلم مثلا إجراء التعلم بالاستكشاف، كأن
يقوم برحلة دراسية لمكان ما أو لبلد ما… وهكذا.
11- ميول المتعلم واستعداداته تؤثر على اختيار طريقة التدريس،
فالطالب الذي لديه استعداد قوي يشجع المعلم على اختيار الطرائق الإبداعية
المتجددة، أما الطالب ذو الاستعداد الضعيف فلا يشجع المعلم على الابتكار والتجديد
في طرائق التدريس.
12- عدد المتعلمين في الفصل الواحد يؤثر على طريقة التدريس، ففي حالة
الفصول المكتظة يلجأ المعلم إلى استخدام طرائق خاصة كالتعلم التعاوني، أما الأعداد
القليلة فتجعل المعلم يختار طرائق أخرى كحل المشكلات والاستكتشاف… إلخ.
أخيرا … قد لا يقتصر الدرس الواحد على طريقة واحدة، بل قد يحتاج
الدرس الواحد إلى استخدام عدة طرق، ولا يؤثر ذلك على إنجاح الدرس، فالحوار قد يكون
مع الاستقراء وقد يكون مع البيان العملي وقد يكون مع الإلقاء، وقد يبدأ الدرس
بطريقة وينتهي بطريقة أخرى، وكل ذلك متروك لِفِطنة المعلم وحكمته ومعرفته بفن
التدريس.
طرائق التدريس الحديثة : طريقة القصة و طريقة الأسئلة
1- طريقة القصة
مفهوم طريقة القصة
تعد طريقة التدريس القائمة
على تقديم المعلومات والحقائق تقديمًا قصصيًّا من الطرق التقليدية، وهي من أقدم
الطرق التي استخدمها الإنسان لنقل المعلومات والعبر إلى الأطفال والكبار، كونها
تساعد على جذب انتباههم وتكسبهم كثيرًا من المعلومات والحقائق التاريخية والخلقية
بصورة شيقة وجذابة.
إجراءات طريقة القصة
– يحدد المعلم أهداف الدرس بدقة.
– يختار المعلم القصة المناسبة لدرسه، مع تحديد المدى الزمني للسرد
والمناقشة.
– يحدد المعلم مواضيع النقاش ليشرك الطلاب في إلقاء القصة، والتنبؤ
بالتوقعات الخاصة بأحداثها.
– يربط القصة بأهداف الدرس.
شروط طريقة القصة
لاستخدام الطريقة القصصية في التدريس توجد مجموعة من الشروط التي
ينبغي على المعلم مراعاتها عند التدريس بهذه الطريقة وهي:
1- أن يكون هناك ارتباط بين القصة و موضوع الدرس.
2- أن تدور القصة حول أفكار ومعلومات وحقائق تُحقق من خلالها أهداف
الدرس، مع تركيز المعلم على مجموعة المعلومات والحوادث التي تخدم تلك الأهداف،
بحيث لا ينصرف ذهن الدارسين إلى التفصيلات غير المهمة ويبتعد عن تحقيق الغرض
المحدد للقصة.
3- أن تكون الأفكار والحقائق والمعلومات المتضمنة في القصة قليلة؛
حتى لا تؤدي كثرتها إلى التشتت وعدم التركيز.
4- أن تقدم القصة بأسلوب سهل وشيق يجذب انتباه الدارسين ويدفعهم إلى
الإنصات والاهتمام.
5- ألا يستخدم المعلم هذه الطريقة في المواقف التي لا تحتاج إلى
القصة.
6- أن تكون الحوادث المقدمة في إطار القصة متسلسلة ومتتابعة، وأن
تبتعد عن المبالغة في التصوير الخيالي للمواقف.
7- أن يستخدم المعلم أسلوب تمثيل الموقف بقدر الإمكان، ويستعين
بالوسائط التعليمية المختلفة التي تساعده على تحقيق مقاصده من هذه القصة.
وفي ضوء هذه الشروط يتبين أن اتباع الطريقة القصصية في التدريس يتطلب
أن يكون المعلم مزودًا بقدر من القصص التي تتناسب مع المرحلة التي يدرسها وترتبط
بموضوعات المنهج المقرر. كما يتضح أن هذه الطريقة يمكن أن تستخدم في دروس التاريخ،
وبعض فروع اللغة العربية والتربية الإسلامية.
مزايا الطريقة القصصية
1- طريقة جذابة وشائقة للدارسين.
2- لا تحتاج إلى إمكانات وتكاليف.
3- يسهل استخدامها من طرف جميع المدرسين مع اختلاف خبراتهم.
عيوب الطريقة القصصية
1- لا تناسب كل المواد الدراسية.
2- تحتاج إلى مدرس قادر على العرض والتمثيل.
3- تعتمد على التجريد والتخيل أكثر من البيان العملي.
4- دور الدارسين سلبي ينحصر في الاستماع إلا في مشاركات قليلة.
مثال تطبيقي لطريقة القصة
يقص المعلم إحدى القصص ويجعلها نصا في درس الاستماع، وتدور حوله
نقاشات لتكون موضوعا لدرس المحادثة متبعا التعليمات والخطوات السابقة.
2- طريقة الأسئلة
مفهوم طريقة الأسئلة
أسلوب قديم قدم التربية
نفسها، يقوم فيه المدرس بإلقاء الأسئلة على الطلاب، ولا يزال هذا الأسلوب من أكثر
أساليب التدريس شيوعا حتى يومنا الحاضر، وليس ذلك فقط لأن هذا الأسلوب يعد أداة
طيبة لإنعاش ذاكرة الطلاب وجعلهم أكثر فهما، بل أيضا لتوصيلهم إلى مستويات عالية
من التعليم. وتقول “هيلدا تابا” وهي واحدة من أشهر خبراء المناهج في أمريكا: إن
الطريقة التي يلقي بها المعلم أسئلته تعد أهم فعل مفرد مؤثر في عملية التدريس.
إجراءات طريقة الأسئلة
1- يحدد المعلم أهداف الدرس بدقة.
2- يصوغ مجموعة من الأسئلة التي توجه الطلاب نحو تحقيق هذه الأهداف.
3- يسمح المعلم بتلقي أسئلة إضافية يشارك بها الطلاب حول موضوع
الدرس.
4- يجيب الطلاب بمساعدة المعلم عن هذه الأسئلة؛ بحيث يحققون أهداف
الدرس.
شروط طريقة الأسئلة
1- يعد التحضير الجيد للموضوع الذي سيتناوله المدرس من خلال طرح
الأسئلة من أهم الشروط لنجاحها، إذ على المدرس أن يفكر جيدا في نوعية الأسئلة التي
سيلقيها، بحيث تكون ملائمة للموضوع، ومناسبة لتحقيق أهداف الدرس، وفي مستوى
الطلاب.
2- لا يعني طرح المدرس للأسئلة أنه سيصبح الشخص الوحيد الذي من حقه
أن يسأل، بل إن المدرس الحاذق هو الذي يتيح لطلابه فرصة السؤال، سواء أكانت هذه
الأسئلة موجهة إليه أم إلى الطلاب أنفسهم.
3- ينبغي أن يكون المدرس متيقظًا عند استخدامه لطريقة المناقشة، بحيث
لا تخرجه إجابات بعض الطلاب أو أسئلتهم عن إطار الموضوع المحدد للمناقشة.
4- من شروط صياغة الأسئلة أن تبدأ من أشياء بسيطة ميسرة يعيها الطلاب
إلى الأكثر صعوبة شيئا فشيئا.
5- يجب أن تكون صياغة السؤال واضحة لغويا، ومحددة الهدف، بحيث يعرف
الطالب الشيء المراد منه بالتحديد.
6- ينبغي أن يكون السؤال من النوع الذي يتحدى ذكاء الدارس، ويجعله
يُعمل تفكيره، ليصل إلى إجابة ترضيه، وتشعره أنه أتى شيئا ذا فائدة.
7- على المعلم أن يتحلى طوال إدارته للدرس بهذه الطريقة بروح طيبة.
8- لجعل جو الفصل طيبا فإن على المعلم أن يتلقى كل إجابة بوجه بشوش
وروح طيبة.
9- على المعلم ألا يتقبل من طلابه إلا الإجابات الواضحة والمحددة.
10- أن يشعر المدرس طلابه أن عنصر الوقت مهم جدا، وأن ينبههم إلى أن
أهداف الدرس أثمن عنده من أن تضيع بسبب بعض الأسئلة غير المفيدة.
مزايا طريقة الأسئلة
1- يستطيع المعلم أن يتعرف على كثير من الأمور التي تدور في أذهان
الطلاب، ذلك من خلال إجاباتهم على أسئلته.
2- يمكن للمعلم أن يكتشف ما إذا كان طلابه يعون شيئا من الحقائق حول
موضوع الدرس أم لا.
3- يستطيع المعلم بطريقة الأسئلة أن ينمي في طلابه القدرة على
التفكير.
4- يستطيع المعلم من خلال طريقة الأسئلة أن يستثير الدافعية في
التعلم عند طلابه.
5- يمكن للمعلم أن يجعل طلابه ينظمون أفكارهم، وذلك إذا اتبع أسلوبا
تربويا سليما في إلقاء الأسئلة.
6- تفيد المعلم عند مراجعة الدروس، وقياس مدى تحقق الأهداف.
7- يتمكن الطالب من خلالها من التعبير عن ذاته.
8 ـ يساعد المدرس على تشخيص نقاط القوة والضعف لدى طلابه.
9- تركز هذه الطريقة على أن تجعل الطالب يستعمل فكره لا مجرد ذاكرته.
عيوب طريقة الأسئلة
1- قد ينتهي الوقت قبل أن ينتهي المعلم مما خطط له بسبب كثرة
الأسئلة.
2- قد ينفر الطلاب بسبب الأسئلة الثقيلة؛ ولذا يفضل جعل الإجابات
اختيارية.
3- قد يتهرب الطلاب من الإجابة عن الأسئلة عن طريق مبادرتهم للمعلم
بالأسئلة.
4- إذا انشغل المدرس بالإجابة عن كل أسئلة الطلاب فإن ذلك قد يبعده
عن نقاط الدرس الأساسية.
مثال تطبيقي لطريقة الأسئلة
يستخدم المعلم هذه الطريقة عند تناول أحد النصوص القرائية، فيعد
مجموعة كبيرة من الأسئلة ليعالج أهداف الدرس، كما يسمح للطلاب أن يعدوا بدورهم
أسئلة حول النص … وهكذا.
تعليقات
إرسال تعليق